مقدمة – الأرقام والتقاويم

قبل عدة سنوات، أتيحت لي فرصة لفهرسة بعض المسكوكات الإسلامية في متحف مانشستر في المملكة المتحدة، وكانت هذه أول مرة أخوض في هذا المجال، وللأسف لم أجد مصدر عربي يقدم مبادئ علم المسكوكات أو النقود، واضطررت إلى الاعتماد على مصادر إنكليزية في محاولة لفك الرموز والأسماء والارقام المضروبة على هذه النقود.

هذا بالرغم من الاهتمام المتزايد بهذا العلم في البلاد العربية، فرأيت كتابة هذه السلسلة كمقدمة لمن يريد البحث في هذا المجال.

الأرقام

أكثر المسكوكات التي فيها حروف عربية تأتي غالبا إلى جانب الارقام الهندية، بخلاف الأرقام المسماة بالأرقام العربية، ونقصد بالهندية والعربية في هذا السياق بـ :

هناك أسماء أخرى لهذه الأرقام، لكن في هذا الكتيب سأشير إلى هذه الأرقام بهذه الأسماء. وتسببت هذه التسميات عند الكثيرين بخلط وببلبة، ويحسبون أن العرب يجب أن يتمسكوا بالأرقام العربية وحجتهم أنها عربية، وهذا تبسيط للمسألة. والواقع أن الأرقام الهندية هي التي ارتبطت بالحرف العربي في أغلب الوثائق والمخطوطات والمسكوكات كذلك، وإن كان هناك مسكوكات ضربت بالحرف العربي إلى جانب الأرقام العربية في أحيان قليلة.

رجوعا الى جدول الأرقام أعلاه، نلاحظ أن الرقم ٤ قد يكون له شكل مختلف وهو ۴ ، وهو أشبه بالرقم ٢ مع شخطة إضافية، ونجدها في المسكوكات المضروبة في بلاد فارس والهند بالدرجة الأولى.

كما أننا قد نجد بعض هذه الأرقام مكتوبة بطريقة ملوية بـ ٩٠ درجة، أو بأشكال مختلفة عن ما هو معتاد، وهذه صورة تبين الأشكال المختلفة لهذه الأرقام:

التقويم الهجري والميلادي

المسكوكات العربية في الغالب تعتمد التقويم الهجري، والافضل استعمال هذا التقويم في كل الدراسات والأبحاث المتعلقة بهذا العلم. لكن بسبب غطرسة التقويم الميلادي على البلاد الإسلامية في يومنا الحالي، فهذه طريقة مختصرة في طريقة التحويل من الهجري إلى الميلادي.

أولا نبدأ من تاريخ واقعة الهجرة في التقويم الميلادي، والمعتمد في هذا هو يوم تَمُّوز / يوليو سنة ٦٢٢ م ، فيمكن طرح هذا الرقم من التاريخ الهجري للوصول إلى رقم قريب من التاريخ الميلادي لضرب السك. لكن بسبب طول السنة الشمسية مقارنة بالقمرية، التي فيها ثلاث سنين إضافية في كل مائة عام، فيجب طرحها أولا من التاريخ الهجري.

مثلا لو أردنا وجدنا سك مضروب سنة ١٢٢٣ هـ ونريد تحويلها إلى الميلادي، نحسب عدد القرون وهي ١٢ ، ونضربها في ثلاث، ٣ x ١٢، ثم نضيف سنة إضافية لـ ٢٣ سنة المتبقية، فيكون المجمل ٣٧.

فتكون المعادلة كالآتي:

١٢٢٣ هـ – ٣٧ = ١١٨٦

ثم نضيف ٦٢٢ ، أي ١١٨٦ + ٦٢٢ = ١٨٠٨ م

والسنة ١٢٢٣ هـ هي السنة التي تولى فيها السلطان محمود الثاني العثماني، وتعادل ١٨٠٨ م.

التقويم الهجري الشمسي والتقويم المولدي

في إيران وأفغانستان، تعتمد في بعض السكوك التقويم الهجري الشمسي، وهو تقويم يبدأ من الهجرة النبوية لكنها محسوبة بالسنين الشمسية. ويرمز لها في إيران بالرموز هـ ش ، للتقريق بينها والبين الهجري القمري هـ ق. ولأن التقويم الهجري الشمسي والميلادي كلاهما يعتمدان السنة الشمسية، فيمكن في هذه الحالة إضافة الرقم ٦٢٢ للتحويل من السنة الهجرية الشمسية إلى الميلادية. ننوه أن أغلب هذه السكوك تأتي في العصور المتأخرة، وخصوصا في العهد البهلوي في إيران، فإذا وجدت كلمة بهلوى في سك، فعادة ما يكون المعتمد فيها السنة الهجرية الشمسية.

تقويم آخر نراه هو الذي اعتمده تيبو سلطان (ت. سنة ١٢١٣ هـ / ١٧٩٩ م)، وهو حاكم هندي جاهد ضد الإنكليز. وقد ضربت سكوكه بتقويم شمسي يبدأ من مولد النبي محمد ﷺ‎ وقد حسبوه على أنها سنة ٥٧٢ م ، ويسمى تقويمه التقويم المولدي. والغريب أن الأرقام في هذه السكوك تكون معكوسة، مثلا سنة ١٢٢٦ تكتب ٦٢٢١. وأغلب سكوك تيبو سلطان وأشهرها انشارا هي السكوك النحاسية ويمكن التعرف عليها بسهولة لأن فيها صورة فيل في احد جهات العملة.

كما توجد بعض التقاويم الأخرى، كالتقويم الإلهي الذي ابتدعه السلطان أكبر (ت. ١٠١٤ هـ)، لكن الغالب في أكثر المسكوكات هي السنة الهجرية القمرية، والتي من ميزاتها أنها لم تتغير أو تتعدل منذ أن اعتمدها المسملون في عهد النبي ﷺ.