كتبنا في تدوينة سابقة عن القهوة والآراء المختلفة التي أتخذها العلماء في بادئ الأمر من هذا المشروب، واليوم ننظر إلى مصنف آخر حول موضوع مشابه، ألا وهو التدخين والمسكرات والمفترات.
نسلط الضوء في هذه المقالة على رسالة بإسم عدة المنكر على مستعمل كل مسكر ومفتر – وهي رسالة قصيرة لمؤلف نجدي مجهول الهوية.
الرسالة طبعة أكثر من مرة في حائل – أولها كان سنة ١٤٢٦ هـ – واعتمد المحقق سعد بن هليل العمر الشمري على نسخة تعود إلى سنة ١٣٠٧ هـ نسخها عيسى بن مشاري. ذكر المحقق أن هناك نسخ أخرى من الرسالة لكن لا يعرف عن المؤلف شيء، إلا أنه يقال أنه من أهل أوشيقر وهي بلدة تقع في الشمال الغربي من الرياض.
والرسالة تتضمن بعض الأقوال والأشعار في ذم المسكرات ويذكر منها الحشيشة والأفيون والبنج والعنبر والزعفران وجوزة الطيب.
ويمكن الاستدلال من هذه الرسالة أن التنباك عرفه أهل نجد في القرن الثالث عشر الهجري على أقل تقدير، وأن كثير من علماء نجد ذهب إلى تحريمه. ومما استدلوا عليه في التحريم أنها مضرة للبدن وهي حقيقة لم يثبتها الطب الحديث إلا مؤخرا.
وقد أورد المصنف بعض الشعر في ذم المسكرات نذكر منها:
قل لمن يأكل الحشيشة جهلا – يا خسيسا قد عشت شر معيشة
دبة العقل بدرة فلمذا – يا سفيها قد بعته بحشيشة
ومما جاء في ذم التبناك أبيات مطلعها:
ولا تك للتنباك يوما بشارب – مدى العمر أو في منخريك بناشق
فذاك خبيث ذو فساد علة – يسوقهما للجسم أسرع سائق
والرسالة عموما نافعة وجمع مصنفها الأدلة من السنة وأقوال العلماء، إلا أنه نقل شيئا مضحكا في آخرها:
أخبرني بعض المخالطين للنصارى الإنكليز أنهم ما جلبوه لبلاد الإسلام إلا بعد أن أجمع أطباؤهم على منعهم من الملازمة عليه وأن لا يستعملوا منه إلا القدر الذي لا ضرر فيه، وأنهم أخذوا رجلا مات باحتراق الكبد بعد موته وهو ملازم عليه وشرحوه فوجدوه ساريا في عروقه وعصبه حتى إن مخ عظامه قد اسود، ووجد قلبه مثل الإسفجة اليابسة، وفيه أثقاب متنوعة منها الصغير والكبير ووجدوا كبده كأنه شوي على النار، فمن ذلك الوقت منعوا من المداومة عليه وأمروا ببيعه إلى المسلمين.
وهذه الرواية القصيرة تثبت بأن نظرية المؤامرة ليست حديثة على بلادنا.
الطبعة الثالثة من الرسالة (١٤٣٦ هـ) متوفرة للتحميل من موقع المحقق سعد بن هليل العمر.
الطبعة الثالثة من الرسالة – تحميل